responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
فَمَا فِي الْفَتَاوَى عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي طَيْرِ الْمَاءِ فَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ يُنَجِّسُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّشُ فِي الْمَاءِ وَلَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَاضِي خان وَطَيْرِ الْمَاءِ إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ يُفْسِدُهُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَاءِ يُفْسِدُهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ لَهُ دَمًا سَائِلًا، وَهُوَ بَرِّيُّ الْأَصْلِ مَائِيُّ الْمَعَاشِ وَالْمَائِيُّ مَا كَانَ تَوَالُدُهُ وَمَعَاشُهُ فِي الْمَاءِ اهـ.
وَطَيْرُ الْمَاءِ كَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ وَفِي الْمُجْتَبَى الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَوْتِ طَيْرِ الْمَاءِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ يُفَرِّحُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ، وَإِلَّا فَيَفْسُدُ اهـ.
فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي طَيْرِ الْمَاءِ كَمَا تَرَى وَالْأَوْجَهُ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْكَلْبِ الْمَائِيِّ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لَكِنْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْكَلْبُ الْمَائِيُّ وَالْخِنْزِيرُ الْمَائِيُّ إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ اهـ.
فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ وَقَعَ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ هُنَا وَفِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ وَوَجْهُ تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْعِلَّةَ مُتَّحِدَةٌ، وَهِيَ الدَّمُ، وَهُوَ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي وَلَدِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْصَبْ كَذَا فِي الْكَافِي وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَعْلُولًا بِعِلَلٍ شَتَّى إلَّا أَنَّ الْعِلَّةَ إذَا كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْمَعْلُولِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى وُجُودِهَا وَهُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ هُوَ الدَّمُ الْمَفْسُوحُ لَا غَيْرَ وَلَا دَمَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَرَارَةَ لَازِمَةُ الدَّمِ وَالْبُرُودَةُ لَازِمَةُ الْمَاءِ، وَهُمَا نَقِيضَانِ فَلَوْ كَانَ لَهَا دَمٌ لَمَاتَتْ بِدَوَامِ السُّكُونِ فِي الْمَاءِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ
وَفِي الْهِدَايَةِ وَالضُّفْدَعُ الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ سَوَاءٌ وَقِيلَ الْبَرِّيُّ يُفْسِدُ لِوُجُودِ الدَّمِ وَعَدَمِ الْمَعْدِنِ وَقِيلَ لَا يُفْسِدُهُ قَالَ الشَّارِحُونَ: الضُّفْدَعُ الْبَحْرِيُّ هُوَ مَا يَكُونُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ سُتْرَةٌ بِخِلَافِ الْبَرِّيِّ وَصُحِّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَرِّيِّ دَمٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالضِّفْدِعُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَالْأُنْثَى ضِفْدِعَةٌ وَنَاسٌ يَقُولُونَ ضِفْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَهُوَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَكَسْرُ الدَّالِ أَفْصَحُ وَالْبَقُّ كِبَارُ الْبَعُوضِ وَاحِدُهُ بَقَّةٌ وَقَدْ يُسَمَّى بِهِ الْفُسْفُسُ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ وَهُوَ حَيَوَانٌ كَالْقُرَادِ شَدِيدُ النَّتْنِ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالزُّنْبُورُ بِالضَّمِّ وَسُمِّيَ الذُّبَابُ ذُبَابًا؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا ذُبَّ آبَ أَيْ كُلَّمَا طُرِدَ رَجَعَ وَفِي النِّهَايَةِ وَأَشَارَ الطَّحَاوِيُّ إلَى أَنَّ الطَّافِيَ مِنْ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ يُفْسِدُهُ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي الطَّافِي أَكْثَرُ فَسَادًا مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ فَهُوَ كَالضُّفْدَعِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ لَا يُفْسِدُ غَيْرَ الْمَاءِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالتُّحْفَةِ وَالْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَكِنْ يَحْرُمُ أَكْلُ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَذْكُورَةِ مَا عَدَا السَّمَكِ الْغَيْرِ الطَّافِي لِفَسَادِ الْغِذَاءِ وَخُبْثِهِ مُتَفَسِّخًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّجْنِيسِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ لِقُرْبَةٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ إذَا اسْتَقَرَّ فِي مَكَان طَاهِرٌ لَا مُطَهِّرٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ يَقَعُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ فِي سَبَبِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِقُرْبَةٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ الثَّانِي فِي وَقْتِ ثُبُوتِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذَا اسْتَقَرَّ فِي مَكَانِ الثَّالِثُ فِي صِفَتِهِ وَقَدْ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ طَاهِرٌ الرَّابِعُ فِي حُكْمِهِ وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ لَا مُطَهِّرَ وَالزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَدْرَجَ الْحُكْمَ فِي الصِّفَةِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ طَاهِرٌ لَا مُطَهِّرَ بَيَانًا لِصِفَتِهِ وَالْأَوْلَى مَا أَسْمَعْتُك تَبَعًا لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ حَتَّى يَصِيرَ عِبَادَةً أَوْ بِرَفْعِ الْحَدَثِ بِأَنْ تَوْضَأَ الْمُحْدِثُ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ خِلَافًا.
وَقَالَ: إنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ لَا غَيْرُ اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَةِ الْجُنُبِ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ الْمَاءُ طَاهِرٌ طَهُورٌ لِعَدَمِ إقَامَةِ الْقُرْبَةِ فَلَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثًا بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ أَوْ مُتَوَضِّئٌ لِلتَّبَرُّدِ لَا يَصِيرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَمَا فِي الْفَتَاوَى عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَقُولُ: إنْ أَرَادَ الْمَذْكُورَ هُنَا الْمَنْقُولَ عَنْ قَاضِي خان فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ إذْ كَلَامُهُ فِي الْحَيَّةِ وَالضُّفْدَعِ الْبَرِّيَّيْنِ لَا الْمَائِيِّ وَسَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ هُنَا وَفِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ) وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ هُنَا وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ لِانْعِدَامِ الْمَعْدِنِ وَقِيلَ لَا يُفْسِدُهُ لِعَدَمِ الدَّمِ وَفِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَّلَ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الصَّبِّ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ هُنَا قَوْلُهُ لِانْعِدَامِ الْمَعْدِنِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ عَلَى وُجُودِ الشَّيْءِ بِالْعَدَمِ وَقِيلَ لَا يُفْسِدُهُ لِعَدَمِ الدَّمِ وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحِيلَةِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَعْلُولًا بِعِلَلٍ شَتَّى إلَخْ.

[الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ سَبَبُ الِاسْتِعْمَالِ أَخَذَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورِينَ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست